لقاهرة - وصف الدكتور عصام العريان القيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين من يتهمونه بالموافقة على الاعتراف بإسرائيل بأنهم يلتفون حول الحقائق و يتصيدون في الماء العكر ويجتزؤون التصريحات ليختاروا منها ما يوافق هواهم، ويغمضوا العين عن مجمل تصريحاته.
وتساءل العريان - في مقال نشره على الموقع الرسمي للجماعة - لماذا ينسى البعض المواقف الثابتة الدائمة ويختار ما يوافق هواه؛ ليشوه تاريخًا ناصعًا ويستعدي عداوات لا مبرر لها لمجرد الإثارة الإعلامية، أو عوامل المنافسة السياسية.
وأضاف: إن ما يعنيني هو المواطن الذي قد يكون التبس عليه الأمر فيما تناقلته وسائل الإعلام في الأيام السابقة في تصريحات لي حول موقف الإخوان المسلمين من العدو الصهيوني، وموقفهم من معاهدة السلام وكامب ديفيد، التي وقَّعتها مصر، وطريقة تعاملهم مع هذه المعاهدة المشئومة إذا حدث تداول للسلطة في مصر بطريقة ديمقراطية.
واستعرض العريان تاريخ الاخوان المسلمين وتضحياتهم في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن العشرين وحتى اليوم.
وأكد أن الإخوان كانوا - ولا يزالوا - أكبر القوى المعارضة لاتفاقيات السلام من كامب ديفيد الأولى وديفيد الثانية مرورًا بأوسلو ووادي عربة وغيرها وهو موقف ثابت طوال هذه العقود ولا يمكن أن يكون محل تشكك، ولا يمكن أن يكون مجالاً للمزايدة.
وأشار إلى أن الاخوان في ذلك كله لا يبتغون إلا وجه الله تعالى، ولا يمنُّون على أحد، بل يقومون بواجبهم الشرعي الذي يمليه عليهم إيمانهم بالله تعالى، والذي يفرض عليهم الجهاد في سبيل الدين والعرض والأرض والمال.
وأوضح أنه عندما يقول الإخوان إن التداول على السلطة بطريقة ديمقراطية في مصر إن حدث يفرض على الحكومات المتتابعة العمل بقاعدة الوفاء بالمعاهدات والالتزامات السابقة؛ فهم لا يخترعون قولاً، ولكنهم يقررون القواعد الدولية الثابتة في التعامل مع المعاهدات والاتفاقيات، فلا يمكن لحكومة تالية في أن تَشطُبَ بجرة قلم أو بقرار إداري حكومي معاهداتٍ سابقةً على توليها السلطة، وعليها أن تحترم هذه الاتفاقيات حتى يتم التعامل معها بطريقة دستورية والآليات الدستورية المقررة هي: إعادة النظر في هذه المعاهدات بحسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية والأمن القومي، وعرضها على البرلمان المنتخب لإلغائها أو تعديلها أو تجميدها، إذا رأت فيها خطرًا على الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد، ثم عرضها على استفتاء شعبي إذا تقرر إلغاؤها فيكون الشعب هو صاحب القرار وليست الحكومة التي تمثِّل فصيلاً سياسيًّا منتخبًا بأغلبية شعبية؛ فهو الذي سيتحمل تبعات إلغاء المعاهدات أو إقرارها، وهذا ما نراه أمامنا في الشعوب الحرة، فقد رفض الشعب الفرنسي معاهدة دستور أوروبا الموحد بفارق 1% فقط، وانتهت أوروبا إلى إعادة النظر في الدستور بسبب معارضة بلدين أو ثلاثة للمعاهدة.
وشدد على أن ادعاءات وجود غزل خفي بين الإخوان والإدارة الأمريكية ثبت للجميع كذبه، وأنه أوهام في نفوس الذين لا يجدون تأييدًا شعبيا، ويتصورون أن وصول السلطة لا يمر إلا عبر البوابة الأمريكية أو الصهيونية، والإخوان المسلمون يعتمدون- بعد تأييد الله لهم- على ثقة الشعب لهم وبرجالهم وقدراتهم على إدارة الشأن العام دون إفراط أو تفريط ودون خداع أو تهويمات، ودون شعارات أو إثارة، وهو ما ثبت لفئات الشعب المختلفة في النقابات والاتحادات وكافة المجالات التي تولى فيها رجال الإخوان وشبابهم مسئولية ما.
وقال إن ما يتمتع به الإخوان من ثقة تعكس شعبيتهم الكبيرة ليس مجرد موقف سياسي ثابت أو عداء للمشروع الصهيوني أو معارضة للسياسات الأمريكية، بل هو أكبر من ذلك كله، هو منهجهم الإسلامي الوسطي المعتدل، وبرامجهم الإصلاحية الواقعية، ورجالهم الصادقون الثابتون على المبدأ.
وقدم العريان اعتذارا لكل الذين التبس عليهم الأمر بشأن ما نسب إليه من تصريحات تم تحريفها، قائلا:ثقوا في الله تعالى، وثقوا في صلابة موقف الإخوان المسلمين، من القضية الفلسطينية.
وفي إشارة إلى الأنباء عن وجود خلافات بين قادة الإخوان أو تحقيقات مع العريان بشأن هذه التصريحات قال: ثقوا في قوة وترابط الصف الإخواني الملتف حول جماعته وقيادته.
وختم العريان مقاله بقوله: أعيد تكرار موقفي الثابت المنبثق من موقف الإخوان المسلمين، والذي تعلمته وتربيت عليه في مدرستهم ضد المشروع الصهيوني وضد الهيمنة الأمريكية ومع الحرية والديمقراطية في ظلال الإسلام العظيم