قالت مصادر قضائية إن نيابة أمن الدولة العليا المصرية وجهت يوم الأربعاء تهمتين عقوبتهما الحبس إلى رئيس تحرير صحيفة الدستور المستقلة إبراهيم عيسى بسبب ما نشرته الصحيفة عن شائعات حول وفاة الرئيس حسني مبارك.
لكن النيابة أخلت سبيله بدون ضمان بعد تحقيق معه استمر أكثر من سبع ساعات.
واستدعت نيابة أمن الدولة العليا عيسى للتحقيق معه يوم الاثنين بعد أن نشرت الصحيفة تقريرا يتساءل كاتبه عن السبب في أن المصريين "لا يصدقون أن مبارك حي يرزق."
وكتب عيسى في الصحيفة يوم 30 أغسطس آب يقول إن مبارك مصاب بقصور في الدورة الدموية "مما يقلل من نسبة وكمية وصول الدم إلى أوعية المخ في لحظات تسفر عن إغماءات طبيعية تستغرق بين ثوان ودقائق."
وأضاف أن شائعة انتشرت عن رؤية مبارك في الفترة الأخيرة "وهو يترنح أو يهتز ذات مرة أثناء قيامه بزيارة لمؤسسة رسمية."
وبدأت الشائعات عن وفاة مبارك (79 عاما) في الانتشار في يونيو حزيران لكنها تكثفت وتسارعت في الأيام العشرة الماضية وسط تكهنات عن صحته ومستقبل المنصب الذي يشغله منذ أكثر من ربع قرن.
وقابل مبارك أمس في مدينة الإسكندرية الساحلية العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني وتوني بلير مبعوث اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط.
وقال مصدر قريب من التحقيق مع عيسى "التهمة الأولى هي إذاعة شائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة."
وأضاف أن التهمة الثانية هي "النشر بسوء قصد عن أخبار كاذبة وشائعات كاذبة من شأنها تكدير السلم العام وإثارة الفزع."
وعقوبة التهمة الأولى هي الحبس والغرامة. ولا يتجاوز الحبس في قانون العقوبات المصري ثلاث سنوات. وعقوبة التهمة الثانية هي الحبس لمدة لا تزيد على عام.
واستدعت نيابة أمن الدولة العليا عيسى للتحقيق معه عبر خطاب بعثت به إلى نقابة الصحفيين المصريين عملا بنص قانوني يجعل استدعاء الصحفيين للتحقيق في قضايا النشر من خلال النقابة.
وعيسى وهو في الأربعينيات من العمر دائم الانتقاد لمبارك وأسرته. وتؤيد صحيفة الدستور معارضي النظام مثل جماعة الإخوان المسلمين والقضاة المطالبين بالاستقلال الكامل عن الحكومة.
وقال عيسى لرويترز هذا الأسبوع "لماذا نجعل من صحة الرئيس سرا حربيا."
وأضاف "هذا يثبت أن النظام لا يستطيع إدارة الأزمات... لا يريدون أن يثيروا الأحاديث عن صحة الرئيس وخلافته."
ولم تعلق الرئاسة المصرية وغيرها من مؤسسات الدولة لدى بدء انتشار الشائعات. وتجاهلت الحكومة الشائعات أيضا عندما بدأت صحف ومحطات تلفزيون مستقلة التحدث عنها.
وجاء التعليق الرسمي الوحيد بشأن صحة الرئيس على لسان زوجته سوزان التي نفت تلك الشائعات ليلة السبت الماضي بعدما فشل ظهوره مرتين على شاشة التلفزيون في إقناع الجميع بأنه على قيد الحياة وبصحة جيدة.
وقالت قرينة مبارك "صحة الرئيس زي الفل (على ما يرام)."
وأحيت الشائعات عن صحة مبارك المخاوف من زعزعة الاستقرار في حالة وفاته خاصة في ظل غياب مرشح واضح لخلافته غير نجله جمال العضو القيادي في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم.
وكان مبارك أغشي عليه خلال إلقائه خطابا في مجلس الشعب في نوفمبر تشرين الثاني عام 2003. وأجريت له جراحة في الظهر في ألمانيا في يونيو حزيران عام 2004 غير أنه قال إنه بصحة جيدة.
ويقول صحفيون إن التحقيق مع عيسى هو بداية حملة على الصحف المستقلة التي توجه انتقادات شديدة للحكومة ولرئيس الدولة وأسرته.
لكن صحفيين مؤيدين للحكومة يقولون إن الصحف المستقلة تناهض الحكم وتكثف النشر عن ادعاءات كاذبة وشائعات مغرضة.
وقال عيسى بعد إخلاء سبيله إن التحقيق معه تركز حول ما كتبه عن إصابة مبارك بقصور في الدورة الدموية.
وكان في انتظاره لدى خروجه من سراي النيابة عشرات من المؤيدين له الذين هتفوا بحياته. وكان مؤيدوه هتفوا قبل بدء التحقيق معه بسقوط مبارك.