يراقب رجال من النوافذ بينما يحرس اخرون الشارع فيما يتجمع اعضاء من حركة فتح سرا في منزل زميل في قطاع غزة لمناقشة مصير فتح بعد ان سيطرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على القطاع.
فقد هيمن أعضاء حركة فتح على الساحة السياسية الفلسطينية عشرات السنين في عهد ياسر عرفات ويتزعمهم خليفته في السلطة الرئيس محمود عباس.
لكن في قطاع غزة وبعيدا عن قاعدة سلطتهم في الضفة الغربية يشعر اعضاء فتح وكأنهم اعضاء جماعة معارضة سرية بعد ان طرد اسلاميو حماس قوات عباس في يونيو حزيران الماضي.
ومن بين الرجال العشرة الذين اجتمعوا في الاسبوع الماضي قال الغالبية ان حماس اعتقلتهم هذا الصيف. ولم يكشف عن هوية أي منهم. وقال ثلاثة انهم تعرضوا بالفعل للتعذيب وهي سمة للاتهامات المتبادلة بين الفصائل على مدى الاشهر الثلاثة الماضية.
غير انه توجد علامات من بينها مظاهر التحدي العلنية في الاسبوعين الماضيين بأن حركة فتح تعيد تجميع نفسها لتحدى الوضع القائم الجديد في غزة. وهو تحد يقول زعماء حماس انهم سيقاوموه اذا لجأت فتح الى القوة. وبينما يزداد الغضب في الجانبين فان احتمال تجدد القتال اصبح واضحا.
ورغم ان الحديث في الاجتماع السري تناول النكسات التي منيت بها فتح فان زعماء الحركة يتحدثون علانية عن العودة.
وقال عادل النجار وهو من خان يونس "فتح ستنهض ثانية وأقوى من ذي قبل." واضاف "فتح ولدت لتبقى ولتنتصر."
وقال النجار الذي اشار الى نفسه على انه كان بين نحو 100 عضو من فتح اعتقلتهم حماس منذ ان سيطرت على غزة بعد عدة ايام من القتال ان "فتح اصبحت بشكل واقعي تنظيما محظورا."
وقال "ممنوع ترفع راية فتح أو تردد اناشيد وطنية" وان كانت اعلام فتح باللون الاصفر اصبحت تشاهد بدرجة متزايدة في غزة بما في ذلك في صلاة الجمعة التي أقيمت في العراء الاسبوعين الماضيين.
واتهم سامي أبو زهري وهو مسؤول بحماس زعماء فتح في الضفة الغربية بالتخطيط لزعزعة الاستقرار والقضاء على الحركة الاسلامية التي فازت في الانتخابات البرلمانية التي جرت في العام الماضي.
وقال أبو زهري وهو يؤكد ان اعضاء فتح الذين تجنبوا العنف احرار في العمل "لدينا معلومات مؤكدة عن أموال تدفع واوامر تعطى بهدف تكوين خلايا مسلحة في غزة من اجل اعادة اجواء عدم الاستقرار والفوضى والفلتان."
واضاف وهو يشرح اسباب اعتقال ناشطي فتح ان حماس استدعت بعض الذين تورطوا وقال انهم قدموا معلومات ثم افرج عنهم في وقت لاحق بعد ان تعهدوا بعدم الاستجابة لهذه الاوامر التي تلقوها.
لكنه حذر من ان "أي أحد يثبت تورطه بأعمال الفوضى فمن الطبيعي ان يدفع الثمن."
وقال مسؤول اخر في فتح هو حازم ابو شنب ان فتح ليست لديها النية لان تعمل في السر في غزة أو ان تستخدم القوة.
وقال "نحن نعمل فوق السطح وبشكل علني ونحن فخورون جدا اننا ننتمي الى فتح."
وتقع اعمال عنف من وقت لاخر منذ يونيو حزيران تشمل مشاحنات واطلاق رصاص وانفجارات تستهدف ممتلكات. لكن أكبر تحد ملحوظ من جانب فتح كان الصلاة وحفلات الزفاف في اماكن مفتوحة.
وفي احدى الاحتفالات في الاونة الاخيرة قام العريس وهو نجل مسؤول كبير بفتح في غزة باطلاق النار في الهواء رغم الحظر الذي تفرضه حماس على تقاليد اطلاق الرصاص اثناء رقص الاصدقاء والاقارب وسط بحر من لافتات فتح الصفراء.
ولقيت فتح تشجيعا من الاقبال الشديد على مثل هذه المناسبات. وقال ابو شنب الذي ينتمي لحركة فتح ان هذا النوع من حفلات الزفاف هو ساحة لاظهار ان حركة فتح مازالت موجودة في قطاع غزة.
وعلى عكس ذلك فان الاجتماعات السياسية تحتاج الى تقديم طلب قبل موعدها بيومين وموافقة السلطات التي تديرها حماس.
ولم يسمح بتنظيم مظاهرات مهمة ويبحث زعماء حماس هذا الاسبوع ان كانوا سيفرضون حظرا على الصلاة في اماكن مفتوحة بدعوى انها اجتماعات حاشدة.
وتتبادل الفصائل الاتهامات بالتعذيب والحرمان من النوم والضرب في سجون غزة والضفة الغربية.
وقال مسؤول امن في فتح لرويترز في غزة طلب عدم نشر اسمه "لقد ضربوني لمدة طويلة حتى كدت ألفظ أنفاسي." واضاف "هم يهدفون الى اذلال فتح لكسر ارادتنا وروحنا."
وفي الضفة الغربية حيث تقول حماس انه تم اعتقال نحو 500 شخص قال عضو انه تم اعتقاله لمدة 34 يوما. وهدده سجانوه بالقائه من على السطح في اشارة الى مصير احد مقاتلي فتح اثناء القتال في غزة في يونيو حزيران.
وقال الرجل البالغ من العمر 30 عاما الذي طلب عدم نشر اسمه "لقد ذقت تعذيبا لا يصدق ورأيت الموت عدة مرات."
وربما كان افضل ايضاح لصعود فتح البطيء مرة اخرى هو الشهرة المتنامية في غزة لواحد من كبار الزعماء القلائل لفتح الذين صمدوا وقاتلوا في يونيو حزيران.
ويقول اصحاب متاجر انه بالاضافة الى اعلام حركة فتح الصفراء فان ملصقات لسميح المدهون ناشط فتح الذي اعتقله مسلحو حماس وقتلوه اثناء المعارك تحقق مبيعات كبيرة.
ويتم تشغيل شرائط الاغاني التي تشيد به وتصفه بالزلزال في المنازل والسيارات.
من نضال المغربي